تم تشخيص إصابة صالح الزهراني، من المملكة العربية السعودية، بالسرطان في سن 12 عاماً. وأجريت له جراحة ناجحة لإزالة ورم في جذع المخ وعاد بعدها لممارسة حياته اليومية. وعند بلوغه 25 عاماً، اكتشف الزهراني أن السرطان قد عاوده، ويلزمه إجراء عملية أخرى لإزالة الورم، الذي كان يقع في النخاع المستطيل – الجزء السفلي من جذع المخ المتصل بالحبل الشوكي.
وكانت مضاعفات الجراحة الثانية خطيرة للغاية حيث شملت اعتلال الأعصاب، الفشل التنفسي، صعوبة البلع، موه الرأس، والشلل الرباعي – شلل الذراعين والساقين. ولبث الزهراني في حجرة المستشفى بلا حراك أو علاج، وحلمه الوحيد هو الشعور بدفء الشمس مرة آخرى.
وأملاً في تحسن حالته، نجحت أسرة الزهراني في رفع طلب إلى الديوان الملكي للموافقة على علاجه في الخارج. وبعد البحث في الخيارات، اختارت سفارة المملكة العربية السعودية في واشنطن العاصمة، معهد إعادة التأهيل والبحوث بمستشفى ميموريال هيرمان في هيوستن، بولاية تكساس، لتقديم خدمات إعادة التأهيل والعلاج للزهراني. ونظراً للمضاعفات التي حدثت أثناء الرحلة الطويلة إلى الولايات المتحدة، أُدخل الزهراني لدى وصوله أولاً إلى مستشفى ميموريال هيرمان بمركز تكساس الطبي.
ومع استقرار حالة الزهراني، في يوليو 2013، نقل إلى معهد إعادة التأهيل والبحوث القريب للمشاركة في برنامج الخدمات الدولية وبرنامج إصابات الحبل الشوكي، بهدف زيادة اعتماده على نفسه. في البداية، استطاع فريق إعادة التأهيل أن يجعله يجلس على كرسي متحرك - وهو ما يعد إنجازاً ضخماً، بالنظر إلى بقائه طوال العام السابق طريح فراش المستشفى.
وقد فتحت قدرة الزهراني على الجلوس أمامه عالماً جديداً من الفرص. حيث أصبح الآن قادراً على تحريك الكرسي المتحرك المزود بتقنية مساعدة، مستخدماً ذقنه في التحكم في تحركات الكرسي. وبفضل هذه الحرية الجديدة، تمكن من التنقل في أنحاء المستشفى بنفسه وأخيراً توافرت له الفرصة للخروج في الهواء الطلق والاستمتاع بمنطقة الحدائق برفقة والده. ومع استمرار العلاج، استعاد الزهراني القدرة على الأكل والشرب، والجلوس معتدلا على بساط، واستخدام التقنية المساعدة لإتمام الأنشطة المهمة في الحياة اليومية مثل فحص البريد الإلكتروني على جهاز الأيباد الخاص به والاتصال بأسرته في المملكة العربية السعودية.
كما حصلت أسرة الزهراني على توعية وتدريب بشأن التعامل مع احتياجاته المعقدة لفترة قصيرة من الوقت، إلى أن يتمكن من الخروج من المستشفى والبدء في تعلم الاندماج مجدداً في المجتمع. وقد تمكن من الذهاب إلى السوق ومراكز التسوق، والأهم من ذلك، الذهاب إلى المسجد. وشعر هو وأسرته ببهجة غامرة للتقدم الذي أحرزه ولا سيما نعمة التمكن من الصلاة في المسجد مجدداً.
وقد حصل فريق رعاية الزهراني على جائرة من شركاء الرعاية لمعهد إعادة التأهيل والبحوث بمستشفى ميموريال هيرمان تقديراً لعمل الفريق المتميز وما أبداه من حنو ورأفة في عملهم المخلص لضمان تحسن نوعية حياته لدى انتهاء فترة إقامته بالمستشفى. كما تم تكريمهم أيضاً على قدرتهم على خلق "بيئة لا تُشعر بالغربة" للزهراني وأسرته أثناء إقامتهم في الولايات المتحدة، حققوا فيها الموازنة بين أسلوب الرعاية المتسم بالود وبين الاحترام الصادق لرغباته واحتياجاته الثقافية والدينية.
ويعتزم الزهراني، لدى عودته إلى المملكة العربية السعودية، المشاركة في العلاج بالعيادات الخارجية. ويقول: "أحمد الله على كل نعمه، وأشكر جميع أفراد الطاقم الطبي والإداري بمعهد إعادة التأهيل والبحوث بمستشفى ميموريال هيرمان على كل ما قدموه لي ولأسرتي، وعلى الفرص التي وفروها لي، وعلى جودة الرعاية، والحنو والاحترام والوعي الثقافي". ويضيف، "لقد أشعروني أنني مواطن فخري في الولايات المتحدة الأمريكية، وساعدوني على استعادة اعتمادي على نفسي. وأنا في غاية الامتنان لهذا".